كمانيليو

كمانيليو
قريبا في المكتبات

الأربعاء، 28 مايو 2014

الجزء الأول من "بعد الفـــــــــراق" قصــــــــة قصــــيرة

* بعد الفراق قصة قصيرة ولكن هنزلها على اجزاء قصير نظرا لانشغالي معلش 

الجزء الأول من القصة

كانت ترتدي ثوبها الأسود الذي لطالما أغضب زوجها منها عندما يراها ترتديه ‘ لانه يعلم جيدا
ذكرى هذا الثوب.. مرت خمسة أعوام ونشبت بينهم العديد من الشجارات حوله ‘ لكنه أضناه الشجار
وأضناه ذكرى عالقة بينه وبين زوجته من ماضيها الأليم.. لم تعتد بعدها على التعود على فقدان
خطيبها السابق!! لم ترحم زوجها الحالي من عذابه وجنون غيرته على الرغم  من انه أول من مد يد
العون والمساعدة لها لينتشيها من بين الحزن وأغوار الألم.. وضعت الحمرة التي يعشقها هو على
شفتاها في محاولة بائسة منها ان تشتت انتباهه عن ثوبها المفضل.. لم يكن الثوب مجرد ثوب عاديّ
ولكنه كان هدية أهداها سابقا خطيبها الذي قدرت الأيام ووصل لها نبأ مقتله في الحرب!

*********************************

اليوم مر عام آخرعلى ذكرى زواجها ولكنها مازالت لم تنسى جرحها الغائر ‘ ذكرى حبها القديم.. لا
تعلم لما وافقت على "ماجد" حين عرض عليها الزواج مكررا لها كثيرا أنه قادر على احتوائها
واحتواء حزنها.. لم تكن تعلم أن حب "طلال" كالهواء يتغلغل بداخلها وبداخل كل تفاصيل شريانها
.. انه حبها العذري الذي منعته الظروف من أن يكتمل.. جلست أمام المرأة تصفف شعرها قبل
ان تذهب إلى المطار فاجتاحتها الذكريات القديمة..
تذكرت حين كانت في عامها الأول في الجامعة ‘ كانت معها صديقة عمرها المفضلة ريم والتي
كانت سببا في معرفتها بطلال حبيب وجدانها كما كانت تلقبه دوما..
كانت تقف عند مدرج إحدى قاعات المحاضرات تنتظر قدوم ريم لها ‘ فهلت ريم ومعها طلال
وماجد..
كانت تقف والضجر يكسو ملامحها وما إن رأت ريم حتى صرخت بغضب في وجهها:
-         كل ده تأخير؟! لطعاني ساعة يا ريم؟!
-         احم احم اعرفك يا ست مها على طلال وماجد هما سبب تأخيري
خجلت مها من غضبها المشتعل وهدأت قليلا ثم نظرت بخجل إلى طلال وماجد وقالت
بحياء ودلال:
-         أهلا بيكم
نظر إليها طلال نظرات جعلت الجمر يشعل فتيله داخل أوصدتها وقال:
-         ولا يهمك يا ستي احنا اللي اسفين اننا اخرنا صحبتك عنك ‘ بس بما اننا سنة اولى لسه
والدكتور قرر انه يجمعنا بمشروع معاها في المحاضرة فعشان كده اتاخرنا..
-         ولا يهمك
نظرت لها ريم وقالت مداعبة:
-         يا سلام يعني هو ولا يهمك وانا كنتِ هتاكليني؟!
ضحك ماجد على دعابة ريم ونظر لمها باعجاب وقال لها:
-         انتِ مش معانا في المحاضرات صح؟
لتجيب ريم عنها:
-         لا هي اداب اسباني مش انجليزي زينا
نظر ماجد لها بكل اعجاب وقال:
-         اشمعنا الاسباني؟
-         بابا عنده شركة وبيبقى محتاج دايما ناس عندهم لغات ‘ وانا حبيت اتخصص اسباني
افاقت من شرودها وهي تتحسس بشرتها ‘ مازالت ذكرى تعارفهم تزورها بين الفينة والأخرى!
لم تعتد بعدها فكرة ان ماجد كان يحبها من النظرة الأولى كما هي أحبت طلال من النظرة الأولى
الذي أحبها أيضا من النظرة الأولى!! تمر الأيام والليالي وتقترب أكثر لطلال ليحترق قلب ماجد
شوقا وندما وأسفا على قلب يهوى قلب ملكا  لصديقه.. لم تكن تعرف بمشاعر ماجد على الرغم
من تلميحات ريم كثيرا لها..
-         على فكرة ماجد بقى بيحبك
-         ماجد ايه يا بنتي ! ماجد بيعتبرني اخته الصغيرة وحبيبة صااحبه  طلال
-         يا سلام! اصلك ما بتشوفيش اول ما بتهلي علينا عينه اللي هتكون بتاكلك دي!
-         بالنسبالي مفيش عين بتسرقني زي عين طلال ونظراته ليا!
-         همممم
-         عارفة اول ما بيلمس ايدي بحس اني في دنيا تانية! واني طايرة لفوق لسابع سما ! بحس
اني ممكن المس السحاب بايديا؟! تخيلي؟
-         هممم وايه كمان يا ست العصفورة؟!
-         الا هو ليه يا ريم كل اللي بيحب بيحس انه طاير لفوق؟!
تنظر ريم حولها حائرة ثم تجيب بحزن وتقول:
-         شايفاني غرقانة زيك في الحب عشان افهم يعني!!
-         يمكن عشان الواحد لما بيحب يا ريم بيحس بحرية؟ واحنا الحرية عندنا بتبقى محصورة
ففي فكرة الطيران؟!
-         ممكن
-         تؤ انتي مستفزة اوووي
-         ليه؟
-         مش متجاوبة معايا كده في فلسفتي زي طلال حبيبي
-         ماشي يا ختي ابقي اتفلسفي معاه لما يقعد معاكِ
تمر الساعات ليلتقي الأربع مجددا في كافتيريا الجامعة ‘ تسبق مها خطوات ريم إلى الطاولة
التي كان يجلس عليها طلال وماجد بابتسامة مشرقة  وما إن يراها طلال حتى يهرع هو الآخر
بكل شوق وحب إليها..
-         وحشتيني
-         وانت اوي يا حبيبي
بينما كانت ترصد حالة الحب والهيام التي كانوا يعشونها زوجا من العيون بكل حزن ‘ التي
كانت هي الأخرى مرصدة من عيون ريم!!
-         ازيك يا مها
-         ازيك انت يا ماجد ، معلش مخدتش بالي منك
ابتسم ماجد بوهن وقال:
-         طبعا مش طلال موجود ازاي بقى هتاخدي بالك من اي حاجة في الكون حواليكي
لتلمع عيناي مها بكل هيام وهي تنظر لطلال وتقول بكل نعومة:
-         فعلا لما بشوف طلال بحس ان الكون اتخلق جوة عيونه ..
يقترب منها طلال برقة ويمسك يدها بنعومة ويقول:
-         طب ايه يلا حبيبتي نروح احنا مشوارنا؟
لتأتي ريم من خلفهم وتقول:
-         ايه ده؟ مش هتزاكروا معانا؟
فيبتسم طلال ويقول :
-         لا هنروح انا وماهي مشوار كده
ثم يغمز لمها بكل حب فتضحك هي وتكمل:
-         خليها مفاجأة
تفيق مرة آخرى من شرودها على دمعة حارة سقطت من عينيها ‘ فتمسحها سريعا وتضيف
بعضا من مساحيق الجمال لتخفي علامات الإرهاق والسهر التي رسمت هالات سوداء تحت
أعينها.. حاولت يائسة ان تنفض غبار الذكريات التي تجتاحها ذكرى تلو الآخرى ولكنها لم تستطع..
فعادت بذكرياتها مجددا لليوم الذي ذهبت فيه مع طلال ليختاروا دبل الخطوبة..
كانا يجوبا محلا تلو الآخر بكل بهجة وحب وعشق ‘ نظر لها بهيام وقال:
-         ده ماجد وريم هيفرحوا اووي لما يعرفوا اننا هنتخطب
-         اووي يا حبيبي ‘ يااااه يا طلال متتخيلش انا فضلت أحلم باليوم ده اد ايه! انا بجد لحد دلوقتي
مش قادرة أصدق ان أخيرا انا وأنت واحد..
-         انا اسف انا احتج!
تنظر له بدلال وغنج وتكمل قائلة:
-         ليه بقى؟؟
-          عشان انا وانتي واحد من اول ما عينك رمت شباكها على قلبي
تزداد خجل :
-         ههههه انت بتعرف ازاي تخليني حلوة اوي بيك كده؟!
-         انا اللي بيكي بحلوّ
-         ربنا ما يحرمني منك يارب
-         ولا يحرمني ابدا منك
تفيق مجددا وتجهش بالبكاء بصوت عالي وبحرقة ثم تركض مسرعة إلى الحمام لتستفرغ

كل ما يستقر بمعدتها..

انتظروني في الجزء الثاني