كمانيليو

كمانيليو
قريبا في المكتبات

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

الحلقة الأولى من "لــــيلك"

الحلقـــة الأولــــى




حجرة نوم متواضعة في عمارة في حي عابدين ‘ بيري قاعدة ع المكتب بتقرأ رواية كعادتها وعلى المكتب فيه فازا عليها ورد "الليلك" بتلمس الورد بنعومة جدا وبعدين ترجع تكمل قراية الرواية وبعد ثواني ترجع تلمس الورد وتسرح لحد ما يفاجأها تلفون .. تبص بكل لهفة للرقم وتلاقي اسم ابراهيم مالي الشاشة فترد بلهفة شديدة:
-         الوو ايوة يا ابراهيم
-         ايوة يا بيرى عاملة ايه ؟
-         الحمد الله يا حبيبي وحشتني اوووي
-         وانتي .. كل حاجة تمام معاكي؟
-         مالك حبيبي؟ فيك حاجة؟
-         ها؟! لالالا مفيش بالعكس د د دده انا جايب ليكي خبر حلو هيفرحك
-         بجد؟ اييه يا ابراهيم قولي؟
-         انا لقيتلك فرصة شغل حلوة هنا عندي في البحرين وعايزك تبعتي ورقك وتبدأي تجهزي
اوراق السفر ..
ترمي بيري الرواية من ايدها بكل فرحة وتقف وهي مش مصدقة الكلام وتقول بلهفة كبيرة جدا:
-         بجد؟! بجد يا هيما؟! يعني انا خلااااص؟! هاجي معاااك!! اخيراااااا اخيراااا يا  هيما هنبقى
في نفس البلد!!
-         اه يا بيري اخيرا ..
-         هو انت مش مبسوط؟
-         بالعكس مبسوط مبسوط حبيبتي
-         امال ليه مش حاسة انك فرحان؟
-         لا يا روحي ده بس ارهاق الشغل .. المهم عشان عايز انام لاني فاصل اووي جهزي كل حاجة
وبكرة ابعتيلي الجاهز وكملي الناقص..
-         حاضر يا روحي .. خد بالك من صحتك ومتهملهاش .. دي ماما هتفرح اوووي
-         ماشي .. بلغيها سلامي .. تصبحي ع خير


**************************


تتنطط بيري من الفرحة وتروح تقف قدام المراية تكلم نفسها وهي طايرة من السعادة :
-         ياااااااااه اخيرااااا يا بيري هتبقي جمب ابراهيم في غربته وتسانديه وتلاقي فرصة يكون ليكي دخل اكبر وتساعدي اهلك!! يا حبيبي يا ابراااااهيم اناااا بجد مش مصدقة انه اخيرا وافق ولقالي شغل وانا اللي كنت بدأت اشك انه مش عايزني معاه هنااااك!!
وبعدين رجعت تبص لملامحها البريئة السمرة وتلمس خدها المتورد بكل بهجة وتبص جوة عينها البني العسلي عشان تلمس الفرحة فيهم وتجري تاني على التلفون وتتصل بصاحبتها شيماء.. اللي اول ما ترد تقلها بيري بكل حماس شديد:
-         شيمووو شيموووو خلااااص هسافر لهيما يا شيموووو
-         بجددددد؟!!! بجد يا بيري؟
-         اه والله انا مش مصدقة نفسي ‘ اتصل بيا وقالي جهزي الورق
-         طب الحمد الله يا حبيبتي ‘ ايووة كده بدل ما هو كان قاعد يمطوح فيكي شمال ويمين ومكنش
راضي ياخدك ليه..
-         لا حبيبي شكله كان بيشوفلي ومش ساكت
-         خليكي هبلة يا بيري! وهو لو بيشوفلك كان فضل يكرهك في السفر ويخليكي سنتييين بحالهم
تتحايلي عليه؟!
-         ماهو برضو مش عايز يمرمطني في الغربة !
-         ولما تتجوزوا؟! هتعيشي فين؟ مش في الغربة برضو؟؟
-         امممم ‘ بصي مش مهم خلاص ‘ المهم دلوقتي اني اخيرا هبقى جمبه
-         الحمد الله يا رووحي ‘ المهم من بكرة بقى عايزين نلف ونشتري كل اللي ناقصك .. صحيح
قالك هتقعدي فين؟
-         تصدقي مفكرتش في الموضوع ده
-         لا بيري حبيبتي ركزي يا ماما انتي رايحة بلد غريبة وانتوا لسه متجوزتووش يعني طبيعي
لازم تقعدي في سكن ليكي لوحدك!!
-         اه هبقى اساله بكرة ‘ اصلا ملحقتش اتكلم معاه كتير ‘ انا حتى لسه معرفش ايه الوظيفة !
من الفرحة مكنتش عارفة افكر ولا اعمل اي حاجة ..مكنتش مصدقة اصلااا ..
-         خلاص نااامي بقى دلوقتي وارتااحي وبكرة هتعرفي كل حاجة

**********************************


في شقة صغيرة في منطقة "العدلية" في البحرين إبراهيم قاعد مع محمود صديقه اللي مأجر معاه الشقة وبيشرب سجاير بكل شراهة ومكشر.. محمود كان بيرسم وبيسمع أم كلثوم وفجأة التفت على ابراهيم اللي قاعد قدام التلفزيون وقال بتعجب:
-         ايه يا هيما مالك؟!
-         مخنووووووق
-         ليه بس؟
-         مش طااايق نفسي بجد!
-         تحب نخرج نتمشى؟!
-         نتمشى ايه بس في ام الجو ده! ده الرطوبة تخنقني بزيادة!!
-         طيب قلي بس مالك؟ ما انت لسه قافل مع الحب كله !
-         مش عايزها تيجي
يتصدم محمود لجملة ابراهيم ويقول باندهاش:
-         انا اول مرة اشوف واحد مش عايز حبيبته وخطيبته تكون جمبه؟ انت عجبك يعني اللي
انت فيه ده!؟
-         انت عارف بيري لو جت البحرين هيحصل ايه؟
-         ايه هيحصل ايه؟ مش فاهم؟ البحرين هتبقى جمهورية بدل مملكة يعني ولا ايه؟!
-         انت بتهزر!!
-         في ايه يا ابراهيم مالك؟!
-         اديني سمعت بنصيحتك وجبتها هنا ! بس مش حاسس برااااحة !! حاسس زي ما اكون
جبت حبل لنفسي وبكتف نفسي بيييه يا اخي..بخنقني وبقتل نفسي بالطبيء!
-         انا يومها نصحتك يا صاحبي عشان شايفك بتسرح لبعيد ورايح على حتة خطر وواجب
عليا كصحاب اخليك تفووق !! فووق يا ابراهيم واحمد ربنا وقدر النعمة اللي في ايدك..

*****************************


تاني يوم الصبح في شركة فخمة في وسط المنامة بينزل "تُركِي" من عربيته الفخمة وبيدخل
بخطوات ثابتة الشركة ‘ يصبح على السكرتيرة بكل ثبات ويقولها وهو رافع حواجبه:
-         صباحك خير ‘ جبيلي ملف شركة الزياني ابغى اشوف لوين وصلنا معاهم
-         ان شاء الله
يدخل المكتب واول ما يقعد يتصل بالتلفون ويقول بابتسامة وحب:
-         هلا بالوالد هلا بالغالي ‘ سم طال عمرك
-         انا كام مرة يا ولد اقلك معايا تتكلم مصري! يا تركي مش معنى ان مامتك سعودية  وعشت حياتك كلها بين البحرين والسعودية يبقى تتكلم معايا خليجي ‘ انت عارف اني احب اوووي متنسوش اصلكم المصري.. امال ايه فايدة بقى سفر لمصر كل شوية ده! لما انت عوجلي لسانك بالخليجي كده كتير؟!
-         حاضر يا الغالي انت تؤمر يا حج .. حلو كده؟
-         حلو ‘ المهم اعمل حسابك الجمعة دي تجيني الخبر انا عايز اقعد معاك !
-         يا الوالد انت عارف مشاغلي اللي هنا
-         تــــــــركي!
-         خلاص تم طال عمرك ‘ هو احنا عندنا كام محمد زيك كده عشان نلبيله اللي عايزه
-         ااخ منك انت!! انا مش عارف طالع لمين كده وبتعرف تلعب بالكلام وتثبتني كده
-         طالعلك طبعا يا كبير
-         خلاص يا حبيبي هقفل معاك دلوقتي وشوف شغلك واشوفك على الجمعة لو ربنا كتبلي عمر
-         ربنا يمد في عمرك
وبعد ما يقفل التلفون بثواني تدخل ليه السكرتيرة تقوله ان فيه عامل بيشتغل ضمن شركات
تركي ووالده في السعودية عايز يقابله فيسمحله ..
يدخل العامل اليمني وتكون ملامح وشه كلها حزينة ‘ يسلم بحرارة على تركي اللي بيسلم عليه
بكل تواضع وفي نفس الوقت الجمود والجدية باينة على ملامحه..
-         شصاير يا حسن؟ ايش جابك اهني؟
-         والله يا الشيخ انا جاي لك وكلي امل تحصلي فرصة شغل اهني في البحرين ‘ الواحد تعب
من السعودية .. لا تزعل مني يا الشيخ بس المعاملة هناك سيئة ..
-         اعرف والله يا حسن بس خلاص لا يصير خاطرك الا الطيب ان شاء الله
-         صج ؟
-         اي اكيد ما اضحك عليك .. بس خلني بتناقش في الامر مع الوالد ونشوف الوضع كيف راح
يمشي وبخبرك ..
يقوم حسن وفي عينه دموع الفرحة ويقول بكل لهفة:
-         والله لو قعدت من اهني لبكرة اشكرك ما راح اوفي جميلك هذا !


*******************************


رينا قاعدة في الفيلا بتاعتها اللي في مجمع الفيلل اللي في البديع في البحرين بتقرأ مجلة وبعد
ما تخلصها تبص للساعة وتمسك التلفون وتتصل بجوزها بندر:
-         ايوة حبيبي ‘ هترجع النهاردة على 2؟
-         لا عندي اجتماع معلش فاتغديت هنا مع الموظفين
-         اففف مقلتليش ليه يا بندر!! مكنتش بدأت اجهز الاكل من دلوقتي؟!
-         ما انا مش فاضي يا رينا من الصبح وانا في اجتماع ورا اجتماع
-         يعني معلش سؤال بسيييط كده ! هو انا مبجيش ابدا في بالك؟! ان في حمارة من الصبح بتفكر
هتتغدوا ايه؟ وتبدأ تجهز في الاكل ليك؟! وانت بكل بساطة تقولي اتغديت!!
-         رينا انتي فاضية اوي صح؟! باي دلوقتي عشان انا فعلا مطحون والنقاشات التافهة دي اجليها
لما اجي!!
ويقفل بندر التلفون بسرعة وتعيط رينا من القهرة وتقول لنفسها:
"فاضية ! طبعا فاضية ‘ مش خلتني اقعد من الشغل ومش راضي تخليني اشتغل هنا !! انت في الشغل وعيالك في المدرسة ! هيكون ورايا ايه يعني يتعمل!! ده حتى الناس هنا مملة ومحدش بيحب يعمل صحوبية وكل واحد عايش في حاله ولا كاننا عايشين في صحراااا!!"
وبعد دقايق تلبس الحجاب بتاعها وتخرج برة "الكمباوند" عشان تستني باص المدرسة بتوع
عيالها واول ما يوصلوا تحضنهم وتدخل بيهم جوة بيتها ..
-         يلا كل واحد يروح يغير لبسه بسرعة عشان نتغدى
-         مامي مش هنستنى بابي؟
-         لا يا حبايبي
تبص  ليها بنتها اللي عمرها ست سنوات وتقول:
-         مابي اتغدى احين
-         هاااا يا ريما قلتلك البحريني في المدرسة والبيت هنا نتكلم مصري
-         بس انا مب في مصر
تزعق رينا جامد بكل عصبية وتقول:
-         بنــــــــــــــــــت !! انا قلت هي كلمة واحدة!! انتي ايه مبتسمعيش الكلام!! الله !! اييييه الغلب
ده ياربي..
فيقول عبد الرحمن ابنها الاكبر اللي عنده 8 سنين:
-         اصل يا ماما ريما بتتلخبط وهي مبقتش تحب مصر كمان
تتفاجأ رينا بجملة عبد الرحمن وتقول لريما وعبد الرحمن:
-         ليه!! حصل ايه؟
فتعيط ريما وتقول:
-         عشان البنات هناك بيتريقوا عليا وبيقلوا عليا يا المصرية يا الخايسة يا مالت الفول والطعمية وام ريحة
تحضن رينا ريما اووي وتطبطب عليها وتقولها :
-         ومروحتيش اشتكيتي للميس؟
-         روحت وقالتلي اتكلمي بحريني طول الوقت وهما مش هيقولوا عليكي كده!! عشان كده انا مبقتش احب مصر يا مامي ولا بحب اتكلم مصري .. خليني اتحجى بحريني بليييييز..
تحتار رينا وتكتشف فجأة ان الغربة مخدتش بس منها طموحها في انها تكون مديرة اعمال
ناجحة وبس لا ده  انتهى الامر بيها ربة بيت في الغربة بتستنى جوزها وبتستنى عيالها من
المدرسة ودمرت كل احلامها اللي كانت بتبنيها .. ده غير كمان  ان  الغربة بدأت تاخد من
هوية اطفالها الاصلية  وبدأت تخليهم يحسوا بفرق ويواجهوا العنصرية ويعالجوا الموقف بشكل
طفولي ساذج وخاطىء..


******************************



في سكن خاص للمدرسات المغتربات وفي شقة من الشقق "مهرة" قاعدة في اوضتها بتفتح
صندوق طلعته من الدولاب وقاعدة بتعيط بشكل هستيري .. كانت بتطلع البوم ورا البوم
وهي في قمة حزنها وانهيارها ‘ لدرجة انها كانت بتحط ايدها على بقها عشان محدش يسمع

صوت عياطها .. وفجأة الذكريات تاخدها لليوم اللي .........


....................................